القصيدة الفائزة بجائزة الشعر الأولى عن قصيدة النثر في مهرجان الشعراء الشباب الثاني (بغداد-2011)
حدّثْتُكَ مرّة:
كلُّ ليلةٍ تَصْلَحُ أنْ تكونَ الأخيرةَ وكلُّ نهارٍ يحملُ بقلبه بذرةَ العدم
أحسبُ أنَّ في رأسي يتجادلُ مَلَكانِ، لا يملاّنِ حِسابَ المرّاتِ التي أدرتُ ظهري فيها لرسائلِ الليلِ والنهار
أحسبُ أَنهما تعبا كثيراً معي فتركاني هائماً في دروبٍ لا تستحي.
أحسبُ أنَّ نهاراتي القادمةَ أقلُّ حظاً.
وأني خَسِرتُ بياضي بانتظارِ سوادِك.
وأنَّ ذنوبي لا تغفرُها رَحمتُك.
كم حدّثْتُكَ بَعدَها عن أجنحتي التي لا تخَفِق؟
عن حقائقَ خذلَتْنا وإشاعاتٍ صادقة
عن ذكرياتٍ تُطلقُ وحُوشَها على أيامِنا العَارية.
أحَسبُ أَنكَ ملَلتَ حديثي لكنكَ تكتم:
مللتَ الحكايا أفرِشُها مخافةَ أن تُنسى
وأُطلقُ أنفاسَها لئلا تصدأ
مللتَ السُّبُلَ نبذلُ فيها أعمارَنا المحدَّبة، ولا تَعرِفُنا
مللتَ الصوائح
بلسانِها الألثغ وصوتِها الرديء
مللتَ، لكنكَ تكتم.
قلتُ:
من يعبأُ لأجنحةٍ مسحوقةٍ لا تخفِق؟
من يبادلُ حصىً تغرقُ بطرقاتٍ ملؤُها نشوةٌ مبتورةٌ
من يعاندُ كلَّ هذه الجماجمِ بأسنانٍ أبديةٍ تضحك
من يضاربُ بأقدارِنا المصقولةِ بعنايةٍ فائقة
من ينادمُ الطمأنينة، يستدرجُها،
متجرعاً وخزَ فظاظتِها ودناءَتِه؟
من يعاقبُ إحبَاطَنا بشواطئَ لا تْمُرض؟
حدّثْتُكَ، ذاتَ غَوْر:
لا ملاذ لمن رأى الشمسَ تخفقُ مشنوقةً بحبلِ العاصفة
لا ملاذ لمن أرجأ خَلاَصَهُ برميةِ زِهر
لا ملاذ لمن بدَّدَ بأسَهُ في بهتانِ خلوده
لا ملاذ لي وأنا أُعدِّد ملاذاتِهمُ الخاسرة!
قلت:
"إنْ كنتَ خائفاً من المنعطفِ القادم،
فأغمضْ عينيك
وأقبلْ عليه، دونَ اكتراث
هكذا ستغيضُ الريحَ بسخريةٍ بسيطة
وقليلٍ من الشجاعةِ الممكنة".
وقلت أيضاً:
كم ثعباناً في قميصِكَ أيها القدر؟
كم سكيناً خلفَ ظهرك أيها الغد؟
كم قبراً مخبوءاً فيكَ أيها الميت؟
أقوالٌ كثيرةٌ وأحاديث
أحاديثُ ما كانَ لها أن تنتهي
طالما عذبت المَلََكَيْنِ وهما يعدّان رسائل الليلِ والنهارِ التي أدرتُ لها ظهري
تعبِا،
وتركاني هائماً في دروبٍ لا تستحي
فهل سترحلُ أنت أيضاً؟
- ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق